Skip to main content

تعتمد المشاركة النووية، أو اتفاقيات التعاون النووي الثنائية مع الولايات المتحدة، على سياسة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي المتمثلة في الردع النووي الموسع أو حماية المظلة النووية الأمريكية. حيث يتم الردع النووي الأمريكي الموسع لليابان وجمهورية كوريا دون نشر اي أسلحة نووية على أراضيهما، بل في الولايات المتحدة. ولكن هناك القليل من الوعي العام بأن الأسلحة النووية الأمريكية تتمركز في أوروبا، أو أنها تشكل خطراً متزايداً للصراع في أوروبا.

تعتمد المشاركة النووية، أو اتفاقيات التعاون النووي الثنائية مع الولايات المتحدة، على سياسة الناتو المتمثلة في الردع النووي الموسع أو البقاء تحت حماية المظلة النووية الأمريكية. ومن خلال المشاركة النووية، تقبل بعض الدول غير الحائزة للأسلحة النووية الأعضاء في الناتو نشر الأسلحة النووية الأمريكية على أراضيها وتوفر لقواتها المسلحة إيصال هذه الأسلحة في أوقات الحرب.

تقوم الدول المشاركة في اتفاقية المشاركة النووية- إيطاليا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وتركيا – بإجراء مشاورات حول سياسة الأسلحة النووية في مجموعة التخطيط النووي التابعة لحلف الناتو، والحفاظ على المعدات التقنية (خاصة الطائرات ذات القدرة المزدوجة) اللازمة لإيصال الأسلحة النووية وتخزين الأسلحة النووية على أراضيها. وهكذا، يقوم حلفاء المشاركة النووية باستضافة ونقل وتخزين الأسلحة النووية الأمريكية، وفي وقت الحرب يقومون بتسليم هذه الأسلحة مع الطائرات الخاصة بهم، والتي تم الحصول عليها واعتمادها خصيصًا لهذا الغرض.

وفي حين أن الغرض من المشاركة النووية هو ضمان امكانية الردع الأمريكي الموسع والانتقام في حالة الهجوم وامكانية تأمين ردعًا محدودًا للدولة التي تستضيف هذه الأسلحة النووية، إلا أنه سيزيد بالتأكيد من أخطار أن تصبح الدول المشاركة وأوروبا بشكل عام مسرح الحرب والصراع التالي. كما ستؤدي الى تعرض الدول الحائزة للأسلحة النووية للاستهداف من قبل البلدان التي تقبل نشر الولايات المتحدة للأسلحة النووية واتاحة استخدامها من أراضيها. ولذلك تجري الآن مناقشة المشاركة النووية في ألمانيا واليابان وجمهورية كوريا وبلدان أخرى.

لقد قبل حلفاء الناتو الحجة القائلة بأن الردع الموسع للولايات المتحدة يتطلب وجود للقواعد العسكرية الأمريكية والأسلحة النووية في أوروبا، وأن اتفاقية المشاركة النووية لا تنتهك الالتزامات المنصوص عليها في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية أو معاهدة حظر الانتشار النووي، وأن تلك الاتفاقية تمنح الدولة الموجود على أراضيها الأسلحة النووية بعضا من التأثير فيما يتعلق باستخدام الأسلحة النووية الأمريكية أو التهديد باستخدامها على أراضيها – وكل ذلك يتحدى التجربة والواقع.

ان الردع النووي الأمريكي الموسع يصل لليابان وجمهورية كوريا دون نشر أسلحة نووية على أراضيهما، بل يتم وضعها في الولايات المتحدة. وبالتالي فإن الولايات المتحدة قادرة على توسيع الردع النووي ومظلتها النووية دون ان تنشر أسلحتها النووية على أراضي حلفائها.

وقد صرح مسؤولون وخبراء آخرون في مختلف دول الناتو بأن المشاركة النووية تنتهك المواد الأولى والثانية والسادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والتزامات الولايات المتحدة وحلفائها غير الحائزين للأسلحة النووية المشاركين في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وبالتالي، وبالرغم من ان الولايات المتحدة تؤكد أن المشاركة النووية متوافقة مع معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، الا ان الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي، من خلال امتثالهم لاتفاقية المشاركة النووية ،فانهم ينتهكون الالتزامات المقررة عليهم بموجب معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ويضعفون نظام معاهدة حظر الانتشار النووي.

ومن خلال المشاركة في مجموعة التخطيط النووي التابعة لحلف شمال الأطلسي، أدرك حلفاء دول المشاركة النووية أنهم لن يشاركوا فقط في التخطيط والانتشار والقضايا الأخرى المتعلقة بالأسلحة النووية الأمريكية المتمركزة في أوروبا، بل سيؤثرون أيضًا عليها. والحقيقة هي أنه لا يمكن للدول غير الحائزة للأسلحة النووية التأثير على كيفية استخدام الولايات المتحدة لأسلحتها النووية، ولا حتى تلك المتمركزة في أراضي الدول غير الحائزة للأسلحة النووية، على الرغم من قيام مجموعات التخطيط بعكس ذلك.

إن مشاركة الأسلحة النووية الأمريكية مع حلفاء الناتو والقواعد العسكرية الأمريكية على أراضي بعض حلفاء الناتو سوف يؤدي، في أوقات الصراع، إلى تقليل أمن واستقرار أوروبا، ولا سيما الحلفاء المعنيين، بدلاً من زيادته. وفي حالة نشوب صراع بين الناتو وروسيا، فان اتفاقية المشاركة النووية تضمن أن تصبح أوروبا المسرح الأول والرئيسي للصراع.

ويمكن النظر إلى المشاركة النووية على أنها تقلل من أمن روسيا وأي دولة أخرى تستهدفها هذه الأسلحة النووية، وبالتالي ينتهك مبدأ عدم تجزئة الأمن الذي ينص على ان زيادة أمن دولة واحدة أو أكثر لا ينبغي أن تقلل من أمن الدول الأخرى. وبعبارة أخرى، فإن النظام الأمني المستقر لا يمكن أن يكون لعبة يكسبها طرف واحد فقط. ولم تقم روسيا حتى الآن بوضع أسلحتها النووية في دول أوروبية أخرى، ولكنها على علم بالأسلحة النووية المتمركزة في أراضي حلفائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقد تنفذ استراتيجية مضادة فيما بعد. كما تصر ايضا على ضرورة إدراج مشاركة الأسلحة النووية في أي مفاوضات مستقبلية للحد من الأسلحة.

هناك شكوك متزايدة من جانب الحلفاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) فيما يتعلق بنوايا المشاركة النووية والولايات المتحدة ومدى وفائها بالتزاماتها بموجب الاتفاقية تجاه حلفائها، بما في ذلك تلك المرتبطة بالردع الموسع. وقد تزايدت هذه الشكوك منذ الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان في نهاية أغسطس 2021، وأدى إلى سياسة الاتحاد الأوروبي لتحقيق ″الحكم الذاتي الاستراتيجي″.

وهناك أيضاً مسائل أساسية أخرى، أبرزها الانسحاب من أفغانستان دون التشاور مع الحلفاء. إلى أي مدى يمكن ويجب على دولة أو مجموعة من الدول أن تعتمد على دول أخرى لتوفير دفاعها وأمنها؟ هل يمكن ″الاستعانة بمصادر خارجية″ لتحقيق الأمن الحقيقي؟ ما هي قدرة ورغبة الاتحاد الأوروبي في تحقيق ″الاستقلال الاستراتيجي″؟  لقد صرحت فرنسا، التي تتولى الآن رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، بأنها تريد أوروبا أقوى وأكثر استقلالاً فيما يتعلق بملف الأمن، مع الإبقاء على التعاون مع الدول الأخرى ومنظمة حلف شمال الأطلسي.

إذا كان للخطاب العام الحالي المناهض للطاقة النووية أي إشارة، فمن الممكن الافتراض أن المواطنين في الدول الأوروبية ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو) لا يعلمون مواقع الأسلحة النووية واستخداماتها المحتملة على أراضي الناتو الأوروبية، حيث انه بقبول وجود تلك الأسلحة النووية على أراضيها تصبح دول المشاركة النووية وأوروبا أهدافًا رئيسية في حالة الصراع. وبعبارات أكثر وضوحا، ربما لا يدركون أن أوروبا أصبحت مركزا نوويا.

الصورة: الأسلحة النووية © بواسطة halbergman/Canva
WordPress Cookie Notice by Real Cookie Banner